للمحاماة و الاستشارات القانونية

ما هي المخالصة المالية واستخداماتها؟

من بين الإجراءات الأكثر أهمية التي تحافظ على حقوق الأطراف وتحل النزاعات هي “المخالصة المالية” التي تستخدمها الأطراف المتنازعة -عادة- لتسوية تسليم وتسلم مبالغ مالية، تحت أي سبب، لضمان حق كل طرف دون فرصة للمطالبة بما لا يستحق.

في هذا النص، سوف نستكمل التحدث عن المخالصة وأنواعها بمزيد من التفاصيل ونتحدث عن كيفية إنشائها والشروط اللازمة لصحتها، وسنقدم إجابات عن الأسئلة الشائعة حول هذا الموضوع. كما سنوفر لك نموذجًا يمكنك استخدامه وتعديله حسب الحاجة.

ما هي المخالصة المالية؟

المخالصة المالية هي توجيه قانوني يهدف إلى تصفية الديون المالية بين طرفين. يتعهد الطرف الأول بسداد كل المبالغ المستحقة للطرف الثاني سواء كانت عبارة عن رواتب أو أجور أو بدلات أو ديون أو أي شكل من المستحقات. وبناءً على ذلك، يتوقف حق الطرف الثاني في المطالبة بأي مبالغ إضافية في المستقبل.

يتم إنجاز التسوية المالية بين طرفين: بين شركة وموظف أو عامل أو عميل أو مقاول، أو بين شركتين، أو بين شخصين. يمكن أن تكون التسوية المالية إما كاملة وشائعة، أو جزئية تشمل عادة سداد الديون. في الفقرات التالية، سنتعرف على أنواع التسوية المالية وكيفية عملها.

ما أنواع المخالصة المالية؟

المخالصة المالية هي عملية تسوية الحسابات المالية بين الأطراف المتعاقدة، ويمكن تصنيفها إلى عدة أنواع رئيسية، منها:

  1. المخالصة النهائية: يتم فيها تسوية جميع الحسابات والمطالبات بين الأطراف بشكل نهائي، بحيث لا يحق لأي طرف بعد ذلك المطالبة بأي مبالغ إضافية.
  2. المخالصة الجزئية: تتم فيها تسوية جزء من الحسابات أو المطالبات بين الأطراف، وتبقى بعض المطالبات الأخرى مفتوحة ليتم تسويتها في وقت لاحق.
  3. المخالصة المؤقتة: تستخدم لتسوية الحسابات بشكل مؤقت حتى يتم التحقق النهائي من الحسابات والمطالبات.
  4. المخالصة التقديرية: يتم فيها تسوية الحسابات بناءً على تقديرات تقريبية، وتعتبر مؤقتة حتى يتم التحقق من الحسابات النهائية.
  5. المخالصة الإدارية: تشمل تسوية الحسابات المالية بين الموظف والشركة، وتشمل تسوية الأجور والمكافآت والبدلات وأي مستحقات مالية أخرى.
  6. المخالصة القانونية: تتعلق بتسوية الحسابات المالية الناتجة عن نزاعات قانونية أو حكم قضائي، وتشمل دفع التعويضات أو الغرامات أو تسوية الالتزامات المالية الأخرى.

كل نوع من أنواع المخالصة المالية يتطلب اتفاقاً واضحاً بين الأطراف المعنية ويجب أن يتم توثيقه بشكل قانوني لضمان حقوق جميع الأطراف.

كيف يتم إنشاء مخالصة مالية؟

هناك عدة صيغ للمخالصة المالية وتختلف تبعاً لأطرافها، ولكن هناك تشابه كبير في محتواها وغايتها، حيث تهدف جميعها لإثبات أحد الأطراف استلام حقوق مالية في مختلف المجالات.

في هذا السياق، يمكن تحديد البنود التي يجب تضمينها في ورقة المصالحة المالية لنكتسب معرفة جيدة بكيفية عملها. تلك البنود تشمل:

  • عنوان المخالصة:
    يجب أن يكون عنوان ورقة المخالصة المالية “مخالصة مالية” لتجنب أي ارتباك أو تعتيم في تحديد هدف هذا المستند القانوني.
  • أسماء أطراف المخالصة:
    ينبغي على المخالصة المالية أن تحتوي على اسم كل فرد من الأطراف إذا كانوا أفرادًا، وعلى اسم المنشأة القانونية إذا كانت شركة أو مؤسسة.
  • الصفة الشخصية لكل طرف:
    بعد تسمية كل طرف في اتفاق المصالحة، يجب توضيح صفته وفقًا للعلاقة التي تجمعه بالطرف الآخر. فمثلاً، إذا كان شخصًا موظفًا في الشركة، يجب تحديد منصبه في الشركة ونشاطها ومجال عملها، وهكذا.
  • إثبات هوية كل طرف:
    من خلال تأكيد الصفة القانونية، يتم توضيح هوية كل طرف بالإضافة إلى الاسم والصفة، سواء كانت هوية وطنية أو جواز سفر أو حتى رقم سجل تجاري للشركات.
  • قيمة المستحقات:
    يجب توضيح الهوية والقيمة الحقيقية للمستحقات بدقة في عمليات التسوية المالية، ويجب كتابتها بالأرقام وبدقة لضمان تحقيق الهدف من التسوية وهو إثبات حق كل طرف، وبالتالي، قيمة المستحقات تعتبر من أهم المعلومات التي يجب توضيحها بدقة في العمليات المالية.
  • تاريخ المخالصة:
    يجب تضمين تاريخ سداد المستحقات في البيان المالي لضمان معرفة الفترة التي تم فيها سدادها بدقة.
  • توقيع أطراف المخالصة:
     التوقيع هو إثبات قبول كل طرف للاتفاق المالي ورضاه عنه، وبالتالي لا يمكن لأي منهما إنكار المبالغ المستحقة بعد التوقيع.
  • أسماء الشهود وتوقيعهم:
    تعتبر هذه الشروط عادة ما تكون مطلوبة في التعاملات الرسمية بين الجهات مثل الشركات، أما في التعاملات الشخصية مثل الإيجارات أو سداد الديون، فيجب أيضًا أخذ هذه الشروط بعين الاعتبار. يجب على الشهود أن يكونوا محايدين وغير متورطين في الصفقة، ويجب عليهم أن يقوموا بتوقيع مستند المخالصة لضمان صحة شهادتهم.

شروط صحة المخالصة النهائية

  • توافق أطراف المخالصة

يجب على الطرفين الاتفاق الكامل على تفاصيل الاتفاقية وقيمة المستحقات، ويجب ألا يوجد أي اختلاف بينهما في ذلك.

  • امتلاك الإرادة الحرة

يجب أن يكون التوقيع على المخالصة بشكل طوعي ليكون صالحًا، وإلزام الشخص بتوقيعها يجعلها غير صحيحة.

  • إبرامها بعد انقضاء عقد العمل

أشار المنظم السعودي إلى أن الاتفاقيات المالية التي تم إبرامها بين صاحب العمل والعامل أثناء سريان العقد غير صالحة قانونيًا، وبالتالي يجب أن تكون بعد نهاية فترة العقد أو انتهاء علاقة العمل بشكل عام.

  • توافر الصفة القانونية

يجب على كل طرف في الاتفاقية أن يكون لديه صلاحية قانونية تسمح له باتخاذ إجراء قانوني، وإلا فالقانون لا يعترف بتصرفاته، مثل الأطفال. يجب أن تكون ورقة الاتفاقية مكتوبة بشكل يتماشى مع متطلبات الوثائق القانونية.

  • شمولية المستحقات

شمولية المستحقات المتنازع عليها شرط أساسي لصحة المصالحة النهائية، وهذا يعتمد على الاتفاق بين الأطراف. إذا تم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين بشأن سداد كامل المستحقات في ذمة الطرف الآخر، يجب أن تشمل المصالحة هذه المستحقات بالكامل، وليس جزءاً منها، لتكون صحيحة.

  • توقيع أطراف المخالصة

توقيع كل من الطرفين في الاتفاقية هو شرط أساسي لصحتها، من أجل تجنب أي تلاعب أو ادعاءات زائفة.

متى يُعتبر الاتفاق على وقف المطالبات المالية غير صحيح في النظام القانوني السعودي؟

يُحدد قانون العمل في المملكة العربية السعودية الحالة التي تجعل المخالصة المالية بين صاحب العمل والعامل باطلة، وفقًا للمادة الثامنة من نظام العمل السعودي. تُعتبر جميع الإبراءات أو المصالحات بشأن حقوق العامل التي تتم أثناء سريان عقده مع صاحب العمل باطلة، ما لم تكن في مصلحة العامل.

بالإضافة إلى ذلك، تُلغى صحة الاتفاق المالي في حال فقدان أحد الشروط العامة الواردة في صحة الاتفاق المالي، وقد تم شرح ذلك في الفقرات السابقة تحت عنوان “شروط صحة المخالصة النهائية “.

ماهي الدوافع والأسباب التي تدفع لاستخدام المخالصة المالية؟

بين الأسباب والدوافع التي تدفع الأطراف المتنازعة إلى اللجوء إلى التسوية المالية يأتي:

  • التحقق من عدم وجود مطالب مالية لطرف الشركة وعدم اعادة مطالبته بالتزامات مالية تم دفعها مسبقًا.
  • عدم اضطلاع الموظف بأية واجبات بعد توقيع اتفاقية التسوية المالية.
  • تأكيد نهاية الاتفاقية والعلاقة العملية بين الطرفين.
  • الحفاظ على رأس مال من خلال إعادة ممتلكات الشركة للموظف.
  • ضبط جوانب الإدارة المالية عند حدوث استقالة موظف مثلاً أو انتهاء مشروع.
  • توفير الجهد والنفقات الزمنية التي يُمكن أن تضيعها الأطراف المتشاجِرة في العقود والمحاكم.
  • بعد ضمان كل طرف حقه، يجب الحفاظ على العلاقة الجيدة بين الأطراف المتنازعة.
  • البحث عن حلاً نهائيًا وملزمًا للأطراف المتنازعة.
  • ضمان الامتثال للقانون، من خلال عدم حق أي طرف في المطالبة بشيء آخر بعد التوصل إلى اتفاق تسوية.
  • تحقيق النزاهة بين الأطراف المتنازعة وضمان تحقيق العدالة.

ملاحظات تخص المخالصة المالية

هناك بعض النقاط الهامة والحالات التي يتم تساؤل عنها بشكل متكرر بخصوص مصالحة المالية، مثل:

  • هل يجب عليّ توقيع المخالصة قبل استلام حقوقي؟ في الحقيقة، لا يلزم العامل بتوقيع المخالصة قبل استلام حقوقه، حيث أن التوقيع على المخالصة يعتبر اعترافاً بتلقي المستحقات.
  • لقد وقعت على المخالصة ولم أتلق حقوقي، فماذا يجب أن أفعل؟ بالحقيقة، هذا خطأ ارتكبه الموظف وعليه يتحمل عواقبه. يعتبر التوقيع على المخالصة اعترافًا بقبول الحقوق المالية. ومع ذلك، يجب الانتباه إلى أمر مهم، وهو أنه إذا وقعت على المخالصة وما زلت تعمل في الشركة، فإن المخالصة غير صالحة وفقًا للمادة الثامنة من نظام العمل السعودي.
  • غالباً ما يحدث المخالصة بانتهاء عقد العمل، وفي بعض الحالات يتم استخدام المخالصة بشكل دوري لتسجيل تسليم المرتبات أو لأغراض أخرى. سند قبض قانوني لا بد من إعادة صياغة العقد وإعادة الاتفاق بين الطرفين على شروط العمل لتجنب إنكار الطرف الآخر لعدم استلام حقوقه، وبالتالي يمكن القول إن التسوية المالية تُلغي العقد.
  • عدم تحديد موعد محدد لدفع المستحقات المالية يعني أنه تم تسليمها قبل التوقيع، وفي هذه الحالة سيفقد صاحب المستحقات حقه إذا قام بالمطالبة بها قانونيًا بعد وجود اتفاق يثبت استلامها.
  • عندما يوقع العامل على إخلاء بالقوة، بمعنى أنه تم الاستيلاء على جسده وامساك يديه بقوة، يمكن بسهولة التحقق من صحة توقيعه ومدى تطابقه مع توقيعه الطبيعي، وإذا كانت القوة معنوية، فيمكن للعامل رفع شكوى وسيتم البت في الأمر.